ليس هناك من شرف أجلُّ من أن تكون مرفوع الدرجة بنص محفوظ لا يقبل التعديل و التغيير ؛ مهما تقادمت السنين و اختلفت الأمم ..
وحدها مهنة التعليم التي تحظى بهذا الشرف ( يرفع الله الذين آمنوا منكم و الذين أوتوا العلم درجات ) ؛ حين تكون بوابة معرفة الإنسان لذاته وخالقه وما ينطوي على ذلك من بناء كينونته ، و تطوير قدراته ، و توجيه فكره نحو خدمة دينه و مجتمعه ؛ بشكل لا يتخلله انحسار قيم ، أو انعدام أمن ، أو انتكاس فطرة .
غير أن هذا الأثر الحضاري الإنساني لا يتأتى إلا بتظافر جهود من يوقن بأهمية إكساب العلم الذي يستقيم به الحال و المقال ، ويحقق الناشئة من خلاله نموذجاً فريداً في الاعتزاز بالثقافة و الهوية والدين ، وهنا يكون التحدي في انتقاء العلم النافع ؛ كما يقول ابن سيرين : العلم أكبر من أن يحاط به ، فخذوا من كل شيء أحسنه ..
من أجل هذا كله بقيت مهنة التعليم على رأس اهتمامات ذوي الألباب على مر العصور ؛ كونها الملهمة للعقول والأفئدة ؛ لتدأب على استحسان البناء والنماء ، و استهجان الهدم والدمار ، ومن هنا تتفاضل الأمم في حوكمتها وسياساتها ؛ فمنها من يركز على بناء الإنسان و عمارته للأرض حتى موته : كالتي حققها المعلم الأول نبينا محمد صلى الله عليه و سلم ، ومنها من يريد أن يستعبده ويستنفذ طاقته كما هو مشاهد في بعض الدول الآن .
إن الوعي بدور هذه المهنة في بناء المكتسبات وتقليل الهدر ؛ هو حري بأن يكون أولوية ، لاسيما في العصر الحالي حيث تركز النظم على جودة الحياة ، و البحث عن أدوات تعين على الاستغلال الأمثل للموارد بشكل قيمي ؛ ثم ترجمة هذا الوعي إلى سلوك مجتمعي ؛ سيضيف روحاً للتنمية المستدامة المنشودة .
المعلمة / فاطمة سالم التميمي
المدرسة / الثانوية الثامنة بحائل